تتزايد الانتقادات في الداخل الإيراني من أداء السلطات الأمنية وعجزها عن توفير الأمن للمواطنين بعد انفجارات كرمان الدموية التي خلفت عشرات القتلى والمصابين في حدث هو الأول من نوعه من حيث عدد الضحايا منذ ثورة عام 1979.
وقد نقلت الصحف الصادرة اليوم جزءا من هذه الانتقادات التي سخرت ضمنيا من مقولة النظام ومسؤوليه التي تردد دائما في وسائل إعلامهم وهو أنه وبالرغم من ضعف الأداء الاقتصادي والفساد في البلد إلا أنه "ينعم" بالأمن والاستقرار.
وأشارت صحيفة "توسعه إيراني" إلى هذه المقولة وقالت إن المسؤولين كانوا يتفاخرون بعبارة "الأمن والاستقرار"، وتساءل كاتب الصحيفة إبراهيم فاطمي بالقول: بأي شيء كانت أجهزة الأمن والاستخبارات مشغولة لكي تغفل عن هذه الأحداث؟ أين أجهزتكم المتطورة التي فشلتم في استخدامها للحفاظ على أمن البلاد؟.
وأوضح الكاتب أن المواطنين كانون يشكون من كثرة اللصوص والسارقين في المدن لكننا اليوم بتنا نواجه خطر الإرهابيين من داعش كذلك.
وشنت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد علي خامنئي، هجوما على "الإصلاحيين" وانتقاداتهم للنظام والمسؤولين والضعف الأمني، وقالت إن هؤلاء الإصلاحيين يحاولون تبرئة الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل.
كذلك استخدمت "همشهري"، وهي صحيفة مقربة من النظام، تعابير جديدة في وصف الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، وقالت إنهم "صناع داعش" ويجب عليهم انتظار "انتقام" جنود قاسم سليماني في كل بقعة من بقاع العالم.
وفي آخر تطورات أخبار كرمان أعلن رئيس منظمة الطوارئ في محافظة كرمان الإيرانية، محمد صابري، أن شخصين من جرحى الانفجارات الدموية التي هزت مدينة كرمان، الأربعاء الماضي، توفيا متأثرين بجروحهما ليرتفع عدد القتلى في هذه الانفجارات إلى 91 شخصا.
كما أعلنت وزارة الاستخبارات الإيرانية، مساء أمس، الجمعة، في بيان لها، أن أحد منفذي الهجمات الانتحارية، التي استهدفت المشاركين في مراسم ذكرى مقتل قاسم سليماني، هو مواطن طاجيكي. وأوضح بيان للاستخبارات الإيرانية أن هوية الانتحاري الآخر لم تُحدد بعد.
وأضاف البيان أنه تم اعتقال 9 أفراد من شبكة الدعم الإرهابية والأفراد المرتبطين بها في 6 محافظات إيرانية.
ومن الملفات الأخرى التي حظيت كذلك باهتمام ملحوظ اليوم السبت هو الإعلان غير الرسمي عن رفض ترشيح 48 بالمئة من الأفراد الذين كانوا يرغبون في خوض الانتخابات البرلمانية القادمة.
وقد أشارت صحيفة "آرمان امروز" إلى هذه القضية وعنونت في صفحتها الأولى بالقول إن "معظم نواب البرلمان السابقين" تم رفضهم.
وتساءلت صحف أخرى عن السبب في هذا الرفض بعد أن كان هؤلاء النواب سبق أن تمت تزكيتهم، فإذا كان رفضهم لمجرد انتقاداتهم فهذا هو دورهم ومسؤوليتهم في انتقاد الأوضاع والسياسات وإذا كانوا قد ارتكبوا مخالفات قانونية فلماذا لم تتم محاكمتهم ومحاسبتهم؟.
في شأن آخر نشرت صحيفة "هم ميهن" مقالا للكاتب الإصلاحي أحمد زيد آبادي حذر فيه السلطات من خطورة استمرار الحكم الديني وآثاره السلبية على المجتمع والمواطنين وقال: إن الإيرانيين تحت الحكم الديني باتوا يتجهون أكثر نحو اللادينية والإلحاد.
وأوضح الكاتب أن على المسؤولين في الجمهورية الإسلامية ومن أجل الحفاظ على معتقدات المواطنين ودينهم أن يتخلوا عن الحكومة الدينية ويعودوا إلى نظام سياسي لا ديني.
والآن إلى تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"جهان صنعت": الأجهزة الأمنية في إيران انشغلت بالقضايا الهامشية ونسيت مهامها الأساسية
انتقدت صحيفة "جهان صنعت" كذلك الضعف الأمني وقالت: يبدو أن "الهامش قد تغلب على النص الرئيسي"، وأوضحت أن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية انشغلت بقضايا هامشية كموضوع الحجاب الإجباري وملاحقة الطلاب الجامعيين بحيث نسيت مهامها الرئيسية في توفير الأمن والاستقرار للمواطنين كافة.
وأشار الباحث السياسي نادر كريمي جوني في افتتاحية الصحيفة إلى الاستعراض العسكري الذي تم بعد الأحداث، والانفجارات في كرمان حيث انتشرت قوات الباسيج وقوات الأمن في المدينة واصفا هذا المشهد بأنه مشهد "تمثيلي ودعائي" لا فائدة من ورائه.
وكتب كريمي جوني قائلا: الكل يعرف أن الإرهابيين مثل لاعبي الملاكمات الرياضية فبعد ضربتهم الأساسية يتخذون مواقف دفاعية ويتخفون عن الأنظار لفترة طويلة وبالتالي فلا فائدة من هذا الانتشار الأمني بعد وقوع الانفجارات.
"هم ميهن" مخاطبة مسؤولي النظام: توقفوا عن شعارات "الانتقام".. لم تعد تجدي نفعا
قالت صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية إن الهدف الرئيسي من انفجارات كرمان هو إظهار عجز السلطات والأجهزة الأمنية والاستخباراتية للنظام الإيراني في توفير الأمن للمواطنين.
ونصحت الصحيفة المسؤولين بالتوقف عن "شعارات الانتقام" ونسبة هذه الأحداث إلى إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، مؤكدة أن مثل هذه الشعارات لم تعد تنفع، بل هي مضرة. حسبما جاء في الصحيفة.
واقترحت الصحيفة أن تقوم السلطات بعدد من الإجراءات الأساسية أولها إعادة ثقة المواطنين بالنظام والمسؤولين والتركيز على قضية الأمن، وأن يتم تحديد المسؤولين السياسيين والأمنيين المقصرين في وقوع هذه الأحداث ومحاكمتهم.
"إعتماد": الرفض الواسع لتزكية مرشحي الانتخابات البرلمانية يتعارض مع تصريحات المرشد
في شأن منفصل علقت صحيفة "إعتماد" على الإعلان غير الرسمي الذي نشرته وسائل الإعلام الأصولية والمقربة من الحكومة حول نتائج دراسة صلاحية المرشحين للانتخابات البرلمانية، حيث تم رفض تزكية العديد من النواب الحاليين بسبب مواقفهم وانتقاداتهم للحكومة.
وقالت الصحيفة إن هذا الرفض وعدم تزكية المرشحين ممن لا ينسجمون تماما مع مواقف الحكومة وسياساتها كان خلاف ما هو متوقع، لاسيما بعد خطاب المرشد وتأكيده على ضرورة مشاركة الجميع في الانتخابات بهدف رفع نسبة المشاركين والناخبين.