ما زالت إيران تفضل الكلام على الفعل عندما يتعلق الأمر بمواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل أو أميركا، فبعد سليماني جاء الدور على أكبر وأقدم قائد عسكري لها في سوريا حيث قامت طائرات إسرائيلية بقصف مقر إقامة القيادي في الحرس الثوري رضي موسوي لترديه قتيلا في اللحظة.
إيران وبعد عقود من الوعيد والتهديد أصبحت اليوم تجيد فن الخطاب دون سواه، مرددة مقولتها المعروفة: "سنرد في الزمان والمكان المناسبين"، مدعية أنها "لن تنجر إلى ما يخطط له الأعداء" الذين يريدون سحب إيران إلى حرب مفتوحة ومباشرة، وهذا هو أكبر مبرر لها لعدم الرد المباشر، تاركة الأمر لـ"حلفائها" من المليشيات المنتشرة في سوريا والعراق ولبنان واليمن.
الصحف الصادرة اليوم الأربعاء 27 ديسمبر (كانون الأول)، تناولت بكثافة هذه المواقف الإيرانية، كما انتقد بعضها عدم الرد المباشر، وأكدت صحيفة "خراسان" أن طبيعة العملية وعلانيتها تجعلها مختلفة على العمليات والاغتيالات السابقة، ما يحتم ضرورة أن يكون الرد الإيراني مباشرا.
في سياق منفصل أشارت صحيفة "أرمان ملي" إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة، وتوقعت أن تكون المشاركة الشعبية منخفضة للغاية، مشيرة إلى مواقف الإصلاحيين الكبار أمثال محمد خاتمي الرئيس الأسبق وعدد من الشخصيات الأخرى في هذا التيار، حيث يلتزمون الصمت هذه الأيام، وليس لهم أي موقف من الانتخابات المقبلة.
الصحيفة قالت إن خاتمي بصفته قائدا للتيار الإصلاحي يبدو عليه أنه قد بات مدركا أن ظروف البلد تؤكد أن لا أمل في أن نشهد زخم الانتخابات في عام 2017، ولن تكون هناك مشاركة مؤثرة من قبل الشارع.
أما صحيفة "كيهان" فناشدت الإيرانيين ودعتهم إلى عدم مقاطعة الانتخابات، وقالت إن "قاسم سليماني كان يعتبر إيران مركز الإسلام والتشييع فيجب المشاركة في الانتخابات لنواسي سليماني ونفرح قلبه".
على صعيد آخر لفتت صحف أخرى مثل "آسيا" إلى مواقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية من برنامج إيران النووي، حيث أعلنت الوكالة في آخر تقرير لها أن إيران زادت إنتاج اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء تصل إلى 60% إلى نحو 9 كيلوغرامات شهريا. وبحسب الوكالة، يتم إنتاج هذه الكمية من اليورانيوم في موقعي "فردو" و"نطنز".
صحيفة "أرمان أمروز" علقت على هذا التقرير، وكتبت في صفحتها الأولى: "هل انتهت حقبة التفاهم بين إيران والولايات المتحدة الأميركية؟"، وذكرت أن الاعتقاد السائد هو أن التفاهمات التي حصلت بين طهران وواشنطن في الأشهر الماضية قد فشلت، وأن إيران عادت إلى رفع نسبة التخصيب بعد فشل مسار المفاوضات.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"همشهري": الرد الإيراني على مقتل رضي موسوي لن يكون عبر التدخل المباشر و"هناك أدوات أخرى"
نشرت صحيفة "همشهري" المقربة من الحكومة مقالا للدبلوماسي الإيراني حسن كاظمي قمي الذي تطرق إلى مقتل المستشار العسكري الإيراني في سوريا بعد هجمات إسرائيلية على مواقع في دمشق، وقال إنه من الضروري أن يكون هناك رد لطهران على هذه العملية.
لكن الدبلوماسي الإيراني استدرك قائلا: "لكن وفي ظل الظروف الحالية في المنطقة وفلسطين فإن تدخل إيران بشكل مباشر قد يبدو قرارا مستعجلا".
وأضاف قمي: "يجب أن ندرس كافة الأبعاد. توجد هناك أدوات أخرى لمحاسبة إسرائيل وهي مقدمة على أي نوع من العمليات".
ويبدو هذا هو القرار الإيراني الأخير للرد على مقتل مستشارها العسكري الرفيع في سوريا حيث من المرجح أنها ستكتفي بالردود الكلامية، وقد تحرك بعض المليشيات في المنطقة للرد على إسرائيل، ولكي تخفف من حدة الانتقادات التي باتت تسمع من أنصار النظام الذين يطالبون برد حقيقي، بعد سنوات من ترديد نظام شعار "الصبر الاستراتيجي" الذي ظهر على خلفية مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني بغارة أميركية ورد إيراني باهت، ما دفعها إلى الحديث بأنها ستنتقم لسليماني في وقت آخر.
"خراسان" على إيران الرد بالمثل على اغتيال رضي وهذه الحادثة تختلف عن الاغتيالات السابقة
صحيفة "خراسان" تحدثت عن سيناريوهات الردود الإيرانية على مقتل مستشارها العسكري، ونقلت كلام الناشط الأصولي عبد الله كنجي الذي قال إن عملية مقتل رضي موسوي تختلف عن العمليات السابقة كمقتل العلماء النوويين، حيث كانت إسرائيل تقتلهم دون أن تبقى دليلا على تورطها، وبالتالي فإنه كان يتوجب الحصول على أدلة دامغة للقيام برد مماثل.
لكن يضيف الكاتب بأن "مقتل المستشار رضي في سوريا بغارة إسرائيلية استهدفت منزله لا يتطلب إثباتا للقيام بالرد، وبالتالي فيجب على إيران أن يكون لها رد مماثل وهذا حقها القانوني"، لكن هل سيلبي النظام دعوات أنصاره، هذا ما ستحدده الأيام القادمة وإن استبعد كثير من الخبراء تجرؤ طهران على خطوات صريحة ومباشرة.
"جمهوري إسلامي": على إيران طرد السفير الروسي وخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي
أشارت صحيفة "جمهوري إسلامي" في مقالها الافتتاحي إلى الرد الإيراني على موقف روسيا من قضية الجزر الثلاث التي لا تزال تثير جدلا بين أنصار الحكومة والمعارضين، حيث تتهم الحكومة بالمجاملة والتسامح مع روسيا التي يعتبرونها "خانت" إيران وساندت الدول العربية في موقفها من القضية.
الصحيفة ذكرت أن تكرار روسيا لموقفها كان يتطلب قرارا حازما يجعل موسكو "تندم" على مواقفها، وليس مجرد استدعاء القائم بأعمال السفير، وهي خطوة لا ترتقي إلى مستوى الخطأ الذي بدر من روسيا للمرة الثانية.
وكتبت الصحيفة أن المسؤولين الإيرانيين لو اتخذوا في المرة السابقة موقفا صلبا حيال روسيا لما "تطاول" الروس مرة أخرى، واصفة هذا السلوك الروسي بأنه "خصومة واضحة" من موسكو تجاه طهران.
الصحيفة نوهت إلى أن أقل موقف كانت إيران قادرة أن تقوم به للرد على روسيا هو أن تعلق الزيارات الرسمية إلى موسكو من قبل المسؤولين الإيرانيين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية إلى أن تقدم موسكو اعتذارا رسميا.
وتساءلت الصحيفة بالقول: "إذا لم تقوموا بطرد السفير الروسي وخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي، وهذا هو المطلوب، فلماذا تنصبون موسكو خيمة لآمالكم؟"