يبدو أننا أمام واقع جديد يكشف حجم القلق لدى النظام الإيراني بعد تداعي هيمنته داخليا وخارجيا تحت الضغوط الاقتصادية والعقوبات الدولية وتآكل شعبيته في الداخل ما دفع بالمرشد الإيراني بتني خطاب جديد يزعم فيه أن "نظام الجمهورية الإسلامية" لا يدعو إلى "إلقاء الصهاينة واليهود في البحر".
تصريحات خامنئي التي تناولتها الصحف الصادرة اليوم، الخميس 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، جاءت خلال تجمع لأنصار النظام في إيران، وزعم خامنئي البالغ من العمر 84 عاما في تصريحاته أن "الهدف الحقيقي لطوفان الأقصى كان "القضاء على النفوذ الأميركي في المنطقة".
وأضاف: "هذا الحدث التاريخي، بالمعنى الحقيقي للكلمة، قادر على تعطيل سياسات أميركا في هذه المنطقة، وبمشيئة الله، سيستمر هذا الطوفان وسيمحو الأجندة الأميركية".
من الملفات الأخرى التي زاد الاهتمام بها في الصحف الإيرانية خلال الأيام القليلة الماضية هو التوتر الجديد والمتزايد بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، على خلفية تصريحات رئيس الوكالة رافائيل غروسي التي اتهم فيها إيران بعدم التعاون مع الوكالة، وحذر من نشاط برنامجها النووي.
الصحف الموالية للنظام لم تناقش اتهامات غروسي أو الرد على بياناته، واكتفت بالهجوم عليه واتهامه بالعمالة لأميركا وإسرائيل، وإنه ينفذ الأجندة الغربية ضد "الدول التي تعارض سياسات الغرب التدخّليّة وتريد الاستقلال السياسي" مثل إيران.
في شأن آخر أشارت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد علي خامنئي، إلى الخلافات داخل التيار الأصولي، وزعمت أن هذه الخلافات "محدودة" وهي مثل "خلاف الأخ مع أخيه"، وقالت إن تصريحات خامنئي أمس يفهم منها ضرورة أن تكون "قوات الباسيج" موحدة على الرغم من وجود الطبائع المختلفة.
ويتزايد القلق بين التيار الأصولي الحاكم والموالين لنظام في إيران في ظل الصراع المحتدم بين الأصوليين أو ما يسمون باسم "المحافظين المعتدلين" مثل رئيس البرلمان السابق، علي لاريجاني، مع الأصوليين التقليديين الذين أصبحوا يُسيرون من قبل "الشباب الراديكاليين" على حد تعبير لاريجاني.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"جهان صنعت": مستقبل مظلم للاستثمار في إيران
تطرقت صحيفة "جهان صنعت" الاقتصادية إلى واقع الاستثمار في إيران في ظل العزلة الاقتصادية التي تعيشها بسبب العقوبات الأميركية والأوروبية، وأزمتها مع الغرب، وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، ودورها الداعم لروسيا في الحرب ضد أوكرانيا، وكذلك مواقفها الإقليمية المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة.
ونقلت الصحيفة كلام الخبير الاقتصادي، مسعود نيلي، الذي قال إن الوضع الحالي في إيران لا مثيل له إلا فترة الحرب مع العراق والسنوات التي تلت الثورة عام 1979، حيث شهدت البلاد حالة من الفوضى وعدم الاستقرار نتيجة الصراعات العسكرية والسياسية.
وتساءل نيلي عن السبب الذي جعل إيران تعود إلى تلك الحقبة، مقارنا الوضع بينها وبين كوريا الجنوبية التي استطاعت تحقيق طفرة اقتصادية وتوفير الرفاه لمواطنيها.
وعن مستقبل الوضع في إيران قال الباحث إنه في حال استمرار نهج الحكم الحالي والسياسة الخارجية لا يمكن توقع تحسن في حالة البلاد عموما والاستثمار على وجه الخصوص، لافتا كذلك إلى الآثار المدمرة للتضخم على الشرائح المجتمعة المختلفة.
"هم میهن": تحذير من عدم تزكية روحاني لانتخابات مجلس قيادة الخبراء في إيران
حذرت صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية من رفض ترشح الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني لانتخابات مجلس قيادة الخبراء، ونقلت كلام الناشط السياسي الأصولي، محمد مهاجري، إن روحاني سيبقى شخصية بارزة في المشهد السياسي الإيراني حتى لو رفضت تزكيته، لكن النظام وحكومة رئيسي الحالية سيدفعان ثمنا باهظا لمثل هذا القرار.
وقال مهاجري إن روحاني أثبت أنه شخصية عاقلة منذ بداية الثورة، حتى أنه تفوق على هاشمي رفسنجاني وكان أكثر ذكاء منه، وهذا الأمر يقلق التيار المنافس له.
وكان روحاني قد أثار جدلا في الوسط الإيراني قبل أيام، بعد ناقش للمرة الأولى الترتيبات المحتملة للتعامل مع الوضع بعد وفاة المرشد علي خامنئي، مؤكدا أن هذا اليوم (يوم وفاة المرشد) سيأتي، رغم أننا لا نريده.
وقال لمجموعة من المعتدلين الإيرانيين، بينهم مساعدوه في الحكومة السابقة، يوم 20 نوفمبر (تشرين الثاني): "هذه الجولة من انتخابات مجلس الخبراء، التي ستعقد في الأول من مارس (آذار)، أكثر أهمية من الانتخابات السابقة". ويتولى المجلس مهمة دستورية باختيار المرشد المقبل.
وقال روحاني، مستخدما لغة معتدلة لتجنب غضب خامنئي وأنصاره المتشددين: "أتمنى أن يعيش المرشد طويلا، ولكن مع مرور الوقت، من المرجح أن يأتي اليوم الذي لا نريد أن يأتي أبدا، وعلى مجلس الخبراء أن يقرر تسمية المرشد المقبل".
"سياست روز": الهجوم على مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد تحذيره من برنامج إيران النووي
في مقال بصحيفة "سياست روز" الأصولية هاجم الكاتب محمد صفري الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومديرها رافائيل غروسي، واتهمه بالانحياز لأجندة الولايات المتحدة والغرب والعمل ضد إيران.
وقال صفري إن غروسي ليس لديه عمل ولا وظيفة سوى إبداء القلق تجاه طهران وأنشطتها النووية، وكأنّ الوكالة الدولية ليس لديها أي مهام أخرى ومتفرغة لإيران فقط، على حدّ تعبيره.
وكان غروسي قد حذر من خطورة النشاط الإيراني النووي، وأعرب عن قلقه من عدم تعاون طهران، وقال إن إيران تمتلك المواد والقدرة اللازمة لصنع قنبلة نووية، داعيا النظام الإيراني إلى "التعاون الكامل" مع الوكالة.
الكاتب الإيراني اتهم غروسي كذلك بالازدواجية، وقال "بينما يُعرب غروسي عن قلقه بشأن أنشطة إيران النووية، يبقى صامتا تجاه إسرائيل الذي تمتلك مئات الرؤوس الحربية النووية وتهدّد باستخدامها ضد الشعب الفلسطيني، رغم أن هذا التهديد الكبير يعرّض السلام والأمن العالميين للخطر".
وختم صفري أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية فقدت وظيفتها الأصلية منذ سنوات، وضغوطها لا تسري إلا على الدول التي تعارض سياسات الغرب التدخّليّة وتريد الاستقلال السياسي مثل إيران.