جدل لا ينتهي في الصحف الإيرانية حول الموقف من الحرب في غزة، والتناقضات الكثيرة في تصريحات المسؤولين الإيرانيين وادعاءاتهم السابقة، حيث كانوا يتوعدون إسرائيل بالدمار والزوال، وأنهم ينتظرون "الفرصة المناسبة" للقضاء عليها.
لكن حرب غزة ومناشدات قيادات حماس، والدمار الذي حل بالقطاع المحاصر وسكانه لم يكن كافيا لدفع إيران بالوفاء بوعودها المستمرة منذ عقود.
صحف إصلاحية مثل "ابتكار"، رغم إشادتها بعدم التدخل في الحرب، إلا أنها أكدت أن هذه المواقف جاءت إدراكا من إيران بأنها سوف تواجه ردا مدمرا من قبل الولايات المتحدة الأميركية، منوهة إلى أن السلطة في إيران شعرت بـ"الخوف" من الولايات المتحدة الأميركية وأحجمت عن التدخل المباشر.
صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد، التي لا تقبل هذه الاتهامات وتهاجم المتهمين الذين تصفهم تارة بـ"العملاء" و"أتباع الغرب" وتارة بـ"المخدوعين"؛ تؤكد أن موقف طهران تجاه القضية الفلسطينية ثابت لا يتغير، دون أن تحاول توضيح سبب عدم الدعم العسكري المباشر لحماس التي تطالب ما يسمى بمحور المقاومة بالتدخل ومساندتها في حربها ضد إسرائيل.
صحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري، اكتفت بالإشادة والثناء بدور الحوثيين في الحرب وإطلاقهم الصواريخ ومسيرات نحو إسرائيل، وعنونت في صفحتها الأولى بالقول: "افتحوا الطريق البري إلى اليمنيين لكي تروا مئات الآلاف من المجاهدين في غزة"، متجاهلة أن زملاء هؤلاء "المجاهدين" ينتشرون في سوريا ولبنان دون أن يجرؤا على التحرك مترا واحدا نحو فلسطين.
بعض الصحف مثل "هم ميهن" رأت أن الولايات المتحدة الأميركية ستستمر في سياساتها في منطقة الشرق الأوسط، وسوف تعمل على قطع "أذرع إيران العسكرية" بشكل كامل في المنطقة.
في موضوع منفصل علقت صحيفة "جمله" على أزمة التلوث في العاصمة طهران، بالتزامن مع اقتراب موعد الشتاء الذي يعد الأسوأ بين فصول السنة، حيث يموت آلاف السكان نتيجة التلوث الخانق في المدينة التي يسكنها أكثر من 15 مليون مواطن.
الصحيفة قالت إن حالة التلوث في العاصمة هذا العام أسوأ من الأعوام الأخرى، وذلك بسبب ظهور أزمة النفايات وعجز البلدية عن التعامل مع الوضع، وهو ما أثار استياء شعبيا وانتقادات لطريقة إدارة المدينة. وعنونت الصحيفة تقريرها حول الموضوع بالقول: "طهران محاصرة بالعفن من الجو والأرض".
في شأن آخر انتقد النائب البرلماني الإصلاحي مسعود بزشكيان في مقابلة مع صحيفة "اعتماد" قرار استبعاده من الترشح للانتخابات البرلمانية، وقال إن مجلس صيانة الدستور المسيطر عليه من قبل الأصوليين المقربين من خامنئي، والذي قرر إبعاده وحرمانه من الترشح، قد انحاز لتوجهات سياسية بعينها، معتقدا أن موقفه المنتقد لسياسات الحكومة تجاه المتظاهرين وموضوع الحجاب الإجباري هو العامل الرئيسي وراء هذا القرار.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"ابتكار": حرب غزة علمت النظام الإيراني "الواقعية" والابتعاد عن نهج الشعارات الكبيرة
قال كاتب صحيفة "ابتكار" جلال خوشجهره إن تجربة حرب غزة أعطت السلطة الإيرانية درسا مهما للغاية حيث علمتها معنى الواقعية والابتعاد عن نهج الشعارات، وعلمت طهران أن تحقيق هذه الشعارات يحتاج إلى ظروف مناسبة ورغبة وإمكانية على التنفيذ.
وأوضح خوشجهره أن تجربة حرب غزة بينت أن وجود شعارات كبيرة وجذابة قد يصطدم بجدار الواقع، وطهران قد أدركت أن مصلحتها تتطلب عدم التدخل وإعلان الدعم عن بعد والاقتصار على الجوانب السياسية والإعلامية.
"كيهان": المهاجمون لموقف النظام من حرب غزة "يعملون نيابة عن أميركا"
هاجمت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد علي خامنئي، من أسمتهم بـ"التيار الداخلي الموالي للغرب" و"العاملين بالنيابة عن أميركا في إيران"، وذلك بسبب تعليقاتهم حول الموقف الإيراني من الحرب في غزة، حيث ذكروا أن طهران "شعرت بالخوف والقلق" من الولايات المتحدة الأميركية الأمر الذي دفعها إلى الامتناع عن الانخراط في الحرب، والتأكيد على أن موقف طهران من حماس والحرب في غزة ينحصر على الدعم السياسي والإعلامي ولا يشمل المشاركة في الحرب.
الصحيفة قالت إن هؤلاء المنتقدين "يحرفون الواقع ويقلبون الحقائق"، وإنهم هم من يخشون محاربة أميركا، وكانوا يصفون محاربة الولايات المتحدة بالانتحار.
وأوضحت الصحيفة أن هؤلاء المنتقدين يوهنون الإرادة عبر نشرهم تحليلات مغلوطة، وهم آفة كل نظام قوي ومقاوم لأنهم بمثابة النمل الذي يدمر البناء من الداخل.
"جهان صنعت": الشعب الإيراني يدفع فاتورة شعارات الحكومة وسياساتها
سلطت صحيفة "جهان صنعت" الضوء على الأزمة الاقتصادية المستفحلة في إيران، وقالت إن السنوات الخمس الأخيرة شهدت تراجعا ملحوظا في نسبة رفاه الإيرانيين، حيث بات الإنفاق العائلي يتركز على توفير السكن والطعام، وأزيحت الجوانب الأخرى مثل الصحة والترفيه وقل الاهتمام بها.
الصحيفة قالت في تقريرها الذي حمل عنوان "أفول رفاه الإيرانيين" إن 28% من سكان المدن و32% من سكان القرى تقل نسبة رواتبهم عن تكاليفهم المعيشية.
كما لفتت الصحيفة إلى زيادة الشرخ بين الأغنياء والفقراء، وذكرت أن رواتب طبقة الأثرياء التي تشكل أقلية صغيرة تزيد بنسبة 30 ضعفا عن رواتب الفقراء.
وختمت الصحيفة بالقول إن الشعب الإيراني يستمر في دفع فاتورة شعارات السلطة السياسية، وهذه المعاناة لا تقتصر على الاقتصاد والمعيشة، وإنما تشمل أسلوب الحياة والحريات الفردية التي باتت مهددة.