المرور السريع على الصحف الإيرانية، يشير إلى أن الصفحات الأولى للصحف الأصولية تبتعد عما يجري من دمار في غزة، حيث أبرزت المظاهرات المتعاطفة مع الفلسطينيين حول العالم، بعناوين تتوعد بالرد. بینما بعض الصحف الإصلاحية خصصت الصورة الأولى لدخان القصف الإسرائيلي الكثيف على غزة.
الصراع والحرب بين حركة حماس وإسرائيل هو العنوان الأبرز للصحف الإيرانية الصادرة اليوم السبت، حيث غطت على نطاق واسع هذه المواجهة العسكرية والتي جاءت بعد هجوم مفاجئ لحركة حماس السبت الماضي على إسرائيل أودى بحياة مئات القتلى والمصابين من الطرفين.
واللافت في تغطية الصحف الموالية للنظام في إيران تجاهلها للآثار والدمار الذي يحدث في الوقت الحالي في قطاع غزة بعد إعلان إسرائيل الحرب على القطاع لـ"القضاء على حماس"، حيث تركز اهتمام هذه الصحف على إيجابيات هذه المعركة وكيف أنها ألحقت "هزيمة" بإسرائيل وعززت من "جبهة المقاومة" في المنطقة.
صحيفة "كيهان" المقربة من المرشد علي خامنئي خصصت معظم عناوين صفحتها الأولى لهذا الموضوع، وكتبت في المانشيت: "حرب غزة في يومها الثامن.. الصهاينة لا يزالون تحت الضربات الثقيلة للمقاومة"، صحيفة "جوان" دعت إلى فتح جبهة جديدة للحرب في حال حاولت إسرائيل إخلاء غزة من سكانها والقيام بـ"تطهير عرقي" في القطاع. وقالت إن الدخول البري إلى قطاع غزة ستكون له تبعات غير محمودة العواقب بالنسبة لإسرائيل.
في المقابل، اهتمت الصحف الإصلاحية بالجانب الإنساني من هذا الصراع، وأشارت صحيفة "اعتماد" إلى تبعات هذه الحرب على قطاع غزة المكتظ بالسكان، وعنونت في المانشيت: "كارثة في غزة"، فيما اختارت "ستاره صبح" عنوانا مشابها وكتبت: "جهنم في غزة"، كما حذر رئيس تحريرها علي صالح آبادي في مقاله الافتتاحي من مغبة السقوط في "فخ الغرب وروسيا" وقال إن دخول إيران في هذه الحرب سيحمل البلاد الكثير من الخسائر ويصبح الخروج منها غير ممكن أو مكلفا للغاية.
في السياق نفسه، علقت صحف أخرى على زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إلى دول في المنطقة، حيث التقى عبداللهيان في بغداد ودمشق وبيروت بمسؤولين من هذه الدول كما التقى بزعيم تنظيم "حزب الله" اللبناني، حسن نصرالله، وسط مخاوف من تخطيط النظام الإيراني لتوسيع رقعة الصراع العسكري في المنطقة.
صحيفة "أترك" علقت على هذه الزيارة، ونقلت جزءا من كلام عبداللهيان الذي قال فيه إن إيران تعتبر "أمن لبنان جزءا من أمنها".
ومن الملفات الأخرى التي اهتمت بها بعض الصحف ما تداولته بعض وسائل الإعلام الغربية من اتفاق جديد بين الولايات المتحدة الأميركية وقطر حول إعادة تجميد الأموال الإيرانية لدى الدوحة في ظل التطورات الأخيرة.
صحيفة "كيهان" نقلت تحركات إيران في هذا الخصوص وزيارة رئيس البنك المركزي الإيراني إلى قطر للوقوف على حقيقة الأمر، وخلصت إلى أنه لا صحة لمثل هذه الأخبار وأن إيران تستطيع استخدام تلك الأموال وفق الآلية المتفق عليها سابقا.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..
"كيهان": ما بعد معركة طوفان الأقصى ليس كما قبلها.. وإسرائيل انتهت
قالت صحيفة "كيهان" المقربة من المرشد علي خامنئي إن معركة طوفان الأقصى هي معركة ليست كالمعارك السابقة وذلك لعدد من الأسباب والعوامل، الأول أنها ألحقت هزيمة مكتملة الأركان بإسرائيل وقيادته متمثلة في رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحلفائه المتطرفين.
الجانب الإعلامي هو الآخر عامل مهم في تحديد هزيمة إسرائيل حسب صحيفة "كيهان" الإيرانية، وقالت إن الفلسطينيين وبأدواتهم الإعلامية المتواضعة استطاعوا هزيمة الإمبراطورية الإعلامية لإسرائيل.
ورأت الصحيفة أن عمر إسرائيل بعد هذه المعركة أوشك على النفاد والدليل على ذلك هو لجوء إسرائيل إلى طلب الدعم والحماية من الولايات المتحدة الأميركية والحديث المتكرر عن العملية البرية في قطاع غزة واستهداف المدنيين من أطفال ونساء واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا.
وعن مآلات هذه الحرب، قالت الصحيفة إنه لا أحد يستطيع أن يتكهن بما ستؤول إليه الأوضاع بالتحديد، لكنها توقعت أن نشهد حربا استنزافية ستكلف إسرائيل ثمنا باهظا، كما قالت إن المؤكد والثابت هو أن هذه الحرب أنهت الحياة السياسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
"شرق": ضرورة إحياء الاتفاق النووي.. والانضمام إلى "FATF"
أشارت صحيفة "شرق" الإصلاحية إلى حديث التيار الأصولي الحاكم في إيران وإشاراته المتكررة هذه الأيام حول الرغبة في انضمام طهران إلى مجموعة العمل المالي الدولية (FATF) بعد سنوات من التعلل والتعنت في قبول شروط هذه الاتفاقية.
الصحيفة نقلت كلام الدبلوماسي السابق في حكومة محمد خاتمي وعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام حاليا، محمد صدر، الذي أكد ضرورة انضمام إيران إلى هذه الاتفاقية، موضحا أن قبول هذه الاتفاقية يساوي نفس الأهمية لقبول الاتفاق النووي لكن معارضة التيار الأصولي في عهد الحكومة السابقة قادنا إلى هذه المرحلة وحال دون إحياء الاتفاق النووي في تلك المرحلة.
وأوضح صدر أنه وفي حال امتنعت إيران عن العودة إلى الاتفاق النووي وقبول الانضمام إلى "FATF" فلا أمل يرجى في معالجة المشاكل والتحديات الاقتصادية التي تعيشها إيران.
"آرمان ملي": الإيرانيون ومعضلة الاضطراب الاجتماعي
في مقاله بصحيفة "آرمان ملي"، قال الباحث الاقتصادي مصطفى إقليما إن المجتمع الإيراني يسير نحو التوتر والاضطراب الاجتماعي ولا أحد يمتلك الأمل والتفاؤل تجاه المستقبل، وكتب قائلا: "في إيران الأثرياء بلا أمل تجاه المستقبل، الدارس ليس لديه أمل في الحصول على وظيفة مناسبة، الذي يقدم على الزواج لا يأمل في تكوين أسرة تتمتع بحياة اقتصادية جيدة.
في ظل هذه الظروف يكون المجتمع غارقا في الغضب والتوتر والاضطراب".
ولفت إلى أوضاع باقي الدول في العالم، قائلا إنه قلما يوجد اليوم بلد مثل إيران يعاني أبناؤه من تراجع وانخفاض معدلات السعادة والابتهاج الاجتماعي فيه.
وأرجع الكاتب جذور هذه الظاهرة إلى الفترة التي تبعت الثورة الإيرانية عام 1979 وقال إن الإيرانيين بعد الثورة كانوا يظنون أنهم سيحصلون على حياة جيدة لكن وبعد سنوات من تولي بعض المسؤولين إدارة البلاد بات الجميع محبطا ويشعر باليأس تجاه المستقبل.
كما لفت الكاتب إلى غياب عنصر الثقة بين الإيرانيين وقال إنه ووفقا لآخر الإحصاءات الاجتماعية في هذا الخصوص فإن 70 في المائة من الإيرانيين يعانون من فقدان الثقة تجاه الهيكل السياسي والإداري في البلاد كما أن هذه الثقة المعدومة تشمل المواطنين بعضهم ببعض وقد تسري إلى أفراد الأسرة الواحدة.