يستمر نقد الصحف الإصلاحية والمستقلة في إيران لواقع ملف الاتفاق النووي والجمود الذي يسيطر عليه، رغم استمرار المسؤولين بالحديث الإيجابي عن التوصل إلى اتفاق حول الموضوع، دون أن يتم تحديد موعد زمني لهذا الاتفاق المزعوم.
هذا الأمر جعل الأسواق تعيش حالة من الانتظار وتتسم بالهشاشة الدائمة، حيث تتأثر بكل خبر صغير أو كبير في هذا المجال.
الصحف الصادرة اليوم، الأربعاء 28 يونيو (حزيران)، لفتت إلى استحالة العمل الأساسي والاستثمار في ظل الظروف الراهنة، حيث لا أحد يستطيع التكهن بما ستؤول إليه الأوضاع، وبالتالي فهناك قلق وخوف دائم من الدخول في عالم الأعمال والتجارة.
صحيفة "نقش اقتصاد" على سبيل المثال أشارت إلى توقف مشاريع البناء في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، وذكرت أن الجمود في هذه المجالات الاقتصادية المهمة زاد من عدد العاطلين عن العمل، كما ساهم بشكل كبير في ارتفاع أسعار المساكن، وهو قطاع حيوي يلعب دورا في الاستقرار والرفاه المعيشي لدى المواطن، بعد أن تحول إلى هاجس أساسي للإيرانيين.
صحيفة "اقتصاد بويا" هي الأخرى تطرقت إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي بات يعانيه الإيرانيون، وأشارت إلى أن معيلي الأسر في الوقت الراهن يضطرون للعمل في مهنتين ليستطيعوا تسديد تكاليف الحياة، مؤكدة أنه لم يعد بالإمكان تجاهل حجم هذه المشكلات الكبيرة والمنتشرة في كل مجالات الحياة.
بعض الصحف مثل "أبرار اقتصادي" انتقدت استمرار بقاء إيران خارج مجموعة العمل المالي الدولية، مؤكدة أن هذه الحالة تساهم في استمرار الجمود في ملف الاتفاق النووي، حيث إن كثيرا من الدول والمستثمرين ينظر إلى ملف "FATF" كشرط أساسي للدخول والتعامل التجاري مع إيران، وتساءلت في مانشيتها بالقول: "الصمت أمام قضية FATF يحقق مصلحة من؟".
أما الصحف المقربة من النظام فأبرزت خطاب المرشد علي خامنئي خلال لقائه بمسؤولي القضاء، حيث أشاد خامنئي بالسلطة القضائية ودورها في دعم النظام و"استتباب الأمن"، مؤكدا في الوقت نفسه وجود الفساد داخل السلطة القضائية وخارجها، وقال إن مواجهة هذا الفساد هو من مهام السلطة القضائية.
من الأمور الأخرى التي تناولها بعض الصحف هو مطالبة أحد أعضاء مجلس مصلحة النظام الإيرانيين بتقليل وجبات طعامهم لمواجهة التضخم، وقالت صحيفة "جمهوري إسلامي" إن بعض المسؤولين في إيران باتوا يعدون عدد اللقيمات التي يأكلها المواطنون، منتقدة هذا النهج "المتخلف" في الحكم، وقالت إن مسؤولي الدول الأخرى استطاعوا أن يعظموا دولهم الصغيرة عبر العمل والمثابرة، في حين أن المسؤولين في إيران منشغلون بعدِ لقيمات المواطن وكمية ما يأكله!.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"جمله": المسؤولون في إيران عاجزون عن إدارة مَخْبَر
عرّضت صحيفة "جمله" بسياسات النظام الحاكم لا سيما التيار المتشدد فيه، مشيرة إلى أزمة تغيير الساعة في إيران، حيث تنشغل الحكومة- التي يسيطر عليها رجال التيار المتشدد- بقضية تغيير الساعة بعد أن قررت هذا العام عدم تغييرها وإبقاء الوقت على حالته السابقة، لكن مقابل ذلك قدموا وأخروا ساعات عمل الموظفين، مما خلق حالة من الفوضى والاضطراب الوظيفي في المشاغل والمهن في الداخل الإيراني.
الصحيفة نقلت كلاما لمؤسس الجمهورية الإسلامية وجهه لهذا التيار، عندما كان ينتقد عمل الحكومة في ذلك الوقت، وقال إن هؤلاء لا يستطيعون إدارة مَخبَر واحد ناهيك عن إدارة مدينة أو بلد، موضحة أن التجربة الحالية أثبتت أن الخميني كان مصيبا في رأيه، وأن المسؤولين الحاليين يعجزون عن إدارة مَخبَر واحد.
وكتبت جمله: "يمكن خلاصة القضية في جملة قصيرة وهي أن السلطة الحالية والتيار الأصولي الذي يسيطر على الحكومة والبرلمان بات هزيلا في أدائه وضعيفا في إجراءاته بحيث يعجز عن حل المشكلات الصغيرة والبسيطة".
"شرق": هجرة أكثر من مليون مواطن في الداخل سنويا
صحيفة "شرق" تطرقت بتفصيل إلى أزمة الهجرة في إيران، وقالت إنه ما إن يطرح هذا الموضوع حتى يتبادر للأذهان هجرة الإيرانيين من البلاد وذهابهم للعيش في الخارج بعد أن ضاقت بهم السبل هنا، مضيفة: "لكن موضوع الهجرة الداخلية هو الآخر بات موضوعا ساخنا هذه الأيام، حيث يشغل كثير من الإيرانيين الذين يضطرون إلى ترك مدنهم والعيش في المدن البعيدة والنائية بهدف نيل لقمة العيش والاستقرار الاقتصادي".
الصحيفة ذكرت أن خلال العقود الماضية شهدت إيران سنويا هجرة أكثر من مليون مواطن في الداخل، وفي الغالب فإن هؤلاء المهاجرين يغادرون المدن الفقيرة والحدودية ليسكنوا في المدن الكبرى التي تتوفر فيها المهن والوظائف بشكل أفضل، وقالت إن هذه الزيادة في عدد سكان المدن الكبرى، وظهور البيوت العشوائية في أرياف المدن الكبرى خلق مشكلات سكانية واجتماعية وأمنية.
"أرمان ملي": الاتفاق "غير المكتوب" بين طهران وواشنطن لن يخدم إيران
تطرق المحلل السياسي، حسن بهشتي بور، في مقابلة مع صحيفة "أرمان ملي" إلى الاتفاق "غير المكتوب" الذي يتم الحديث عنه بين إيران والولايات المتحدة الأميركية والذي ستوافق طهران بموجبه على وقف رفع نسبة التخصيب مقابل الإفراج عن أموالها المجمدة في الدول الأخرى، بشرط أن تنفق هذه الأموال في المجالات الإنسانية وسلع بعينها، وقال إن مثل هذا الاتفاق لن ينفع طهران بشيء لأنه لن يكون محفزا على دخول الدول الأخرى في علاقات تجارية سليمة مع إيران.
ولفت بهشتي إلى أن بعض المسؤولين الإيرانيين وصفوا مثل هذا الاتفاق بـ"وقف إطلاق نار سياسي"، بهدف الحد من التوتر والتصعيد في العلاقة العدائية بين البلدين والمستمرة منذ عهد طويل.
كما انتقد بهشتي المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن، وقال: "سمعنا أنه وفي عمان يتنقل المسؤولون العمانيون- باعتبارهم وسطاء- من غرفة لأخرى لنقل الرسائل بين المسؤولين الإيرانيين والأميركيين، وقال: "نحن نعيش في القرن 21، ما هذه الطريقة في التفاوض والعمل؟ إيران تمر بظروف اقتصادية غير مسبوقة؟ ما فائدة عدم الدخول في مفاوضات مباشرة مع أميركا؟ يجب الدخول في مفاوضات مباشرة مع المسؤولين الأميركيين".